أحبها كلحة ملحة تفاجئني بسدرة


شفتي البراحة اللي فيها سيايير عدال مسجد الساير؟

اي شفيها؟

هذي كانت مزرعة خالي، كان فيها شجر و بركة بالنص كنا نلعب مناك و حنا صغار. و الطيور، ليش ان الخضرة شوية تشوفينهم يتذابحون على عود خضر، فصيدهم يصير حلّالي
الطيور يجون مرتين بالسنة، الأولى بالربيع على أواخر مارس و أول أبريل، و الثانية بالخريف على سبتمبر، فكنا نلبّس الشجر الصغار نسبيا من شبك السالية، تالي نكش الطيور من "أم التفاح" و "الغلاظة" و "عائشة" و "أمينة" على شان يروحون صوب الشجر اللي ملبسينهم و ينحكرون

منهم هذيله؟؟

يضحك، هذي أسامي السدر اللي بالمزرعة. ينزلون الطيور من السدر و ينحاشون لما نكشهم، و من شجرة لين شجرة حتى تاكلهم أحد هالشجر اللي عليهم شبك

يعني مثل القرقور

اي هالنمونة، تالي يلقطهم خالي، و يكسر جنحانهم و يقطهم في جليب عتيق محوط. الكَش ثلاثة أيام، أول يوم نطبخ منهم حق بيتنا و أهلنا، ثاني يوم حق الفريج، ثالث يوم ياخذون الطيور بزبلان و يبيعونهم بالسوق


أكثر ما لفت انتباهي في هذه القصة، وصفه للطيور المتجمعة لندرة الشجر و الخضرة. أرى أنها من أجمل القيم في أراضينا، الناس عادة يسمون الأشياء العزيزة عليهم، مثل السيارة عند الكبار، أو الدب عند الأطفال، تسمية الشجرة يبين كم هي عزيزة

في سبعينات و ثمانينات الكويت، نهض وعي في تخضير الكويت، الكويت الخضراء و التشجير و نشاط الزراعة في المدارس. إن الخضرة زينة و تنزل الغبار، لكن هل فعلا نريد الغبار أن ينزل؟ و هل "تطزز" الشجر الطريقة الوحيدة التي تقينا من الغبار؟

زحمة الطريق، على شان مؤتمر القمة الاقتصادية

إي أنا اليوم فتحت بردة داري، أطل و الا العمال في قصر بيان يطلعون الثيل الصناعي من اكياس زبالة كبار، معفّس، و يفرشونه على القاع!

و هل قَصُر جمال الصحراء لتزيينها بالخضرة؟ اذا الكويت دائما خضراء من أين تأتينا الفرحة العذبة باخضرار الصحراء من المطر بالشتاء؟ أو كيف نرى فرحة الطيور بشجرة؟ حتى ظلال الشجر أحلى على الأرض الصفراء منها على أرض ثيل صناعي. لماذا نحن دوما في انتظار الجو أن يعتدل؟ فالجو يعطينا درجات حسية و لونية لا تنتهي في يوم واحد

الجسور في الكويت تحفها الخضرة من كل جانب، إن باعدنا قليلا حيث يقل الاهتمام بجمال البلد نرى الجسر يحفه التراب، و فيه تشققات السيل من المطر الذي هطل العام الماضي، جميل و صادق

ليت البلدية تقدر التراب كتقديرها للكونوكاربس البشع، و ليتنا نجرب الاستمتاع بالغبار و كلحة الديرة، و لا نعدل ألوانها بالفوتو شوب. في السابق كانت السكيك الضيقة تخفف من الغبار، ان هذا يعطي لمحة عن أسلوب جميل في التعامل مع الأجواء، صحراء واسعة و بحر أوسع، بينها شبكة معقدة من الجدران، أما الآن فكل شيء وسيع مما يجعل الاستمتاع بايخ، و الواسع دائما مهجور بالكويت، لكني متأكدة من وجود أسلوب جديد في الحياة بالكويت، مثل ما هناك دائما أسلوب جديد في لبس الملابس أو طريقة الكلام، أو قضاء عصرية يوم تريد فيه التغيير

انا لا أرفض الاهتمام بالزراعة، لكني أتمنى نظرة جديدة لجمال الكويت بما يناسبها و يتوافق مع مزاجها المتقلب غير سكب اللون الأخضر