رمضان مضى متعبا لجميع الموظفين غير المجازين في القطاع الحكومي، بدأ شهري في جولة تفقدية لمباني المرقاب و الصوابر في عز الظهر، و تناصف بأكوام من الأوراق المغبرة ، أما الليل فكان عزائي الوحيد الذي به كنت أغلف وجهي لكي يكاد نهاري أن يكون، فيسهل علي مضيه
لم أشاهد المسلسلات الكويتية و لكني كنت متهيئة للاستمتاع بأحاديث الناس عنها، فترى الناس تركوا كل ما هو حقيقي من الحوادث إلى عالم المسلسلات و قصصهم، حتى الحوادث الحقيقية عندما تقال في رمضان تأخذ صبغة درامية يحلو معها الاستماع. هناك ثلاث مسلسلات رأيت أن عرضها علمنا أشياء عن الدراما الكويتية
ساهر ليل: علمنا أن هناك مخرج رائع فمجرد رؤية المسلسل من غير معرفة القصة مريح للنفس و لباقي الحواس
إخوان مريم: علمنا لماذا تمت الرقابة على مسلسل أسد الجزيرة، و أن الأمر ليس له علاقة بجرأة الطرح و إنما رداءة البحث التاريخي الذي بني عليه إخراج العمل
زوارة خميس: علمنا وجوب ظهور جيل من الكتاب و النقاد، قلت قبل ذلك أن هذا المسلسل تعبير عن رأي الكاتب، و لكن عندما تذكرت كم الأطفال الذين شاهدوا هذا العرض فزعت، لأن الأطفال لا يظنون فيما يعرض إلا واقعاً لا فكراً مصورا كواقع
استنتجت من الحوارات حول المسلسلات و التي دارت بين العائلة أو الأصدقاء أو المدونين أننا ربما نحتاج إلى مجموعة تشترك في كتابة العمل الدرامي لكي نَخرج من أنا الكاتب إلى نقد المجموعة، لأنه يبدو أن بعض الكتاب المحليين لا ينتقدون أنفسهم و يقيسون -بمنتهى السذاجة- قيمة أعمالهم بمدى إقبال الناس عليها
كانت أوقاتي في رمضان تسمح لي أن أشاهد عايزة أتجوز، و هو المسلسل الذي حرصت على متابعته حيث أن هند صبري ملكتني، و لا أوافق كل من قال أن القصة المكتوبة أجمل لأنها غير مبالغ بها كما جاءت في المسلسل لأن الرائعة هند إن بالغت فإنها خفيفة الظل، و إن لم تكن خفيفة الظل فإنها جميلة و تمتعك رؤيتها كمتعة النظر إلى هيا عبدالسلام، و أثناء الدعايات كان والدي يقلب القناة إما على عمان حيث أن هناك مطربة ذات صوت جميل في برنامج لطيف بجلسة أرضية، أو على القناة القبطية ليشاهد بعض الطقوس، أو يتنقل بين أئمة صلاة التراويح في الوطن العربي ليستمع إلى اختلاف القراءات، كانت هذه جملة ما شاهدت في هذا الشهر الكريم
و جدير بالذكر أن قبل نهاية الشهر ببضعة أيام تحرر شيء صبر في قلبي سنة كاملة من غير داع، انزاح بظرف ساعة لم تكن في الحسبان صرت بعدها أقوى و أجمل روحا و أكثر ابتساماً
و صار العيد، أو كاد أن يصير بما أني لم أنم ليلته، و ذهبنا إليه -كما يقول الأطفال- بأبهى الحلل، لكني التقيت في هذا اليوم بشخصيات استرعت انتباهي، ففي كيفان كانت تجلس مع المعايدين عائلة هندية: أم و عيالها، سألَت أمي عنهم فقالت لها خالتها أن هذه السيدة تسكن كيفان في قطعة قريبة، و قد جاءتهم أثناء الغزو العراقي لتحتمي و تخدم و قد كانت حامل بابنتها التي تجلس بجانبها -و التي تدل هيئتها أنها نحو العشرين من عمرها- و هي ما زالت تزورهم بين وقت و آخر
أما في الشامية و كعادتها كل عام جاءت نبيلة، و هي سيدة يمنية كانت تعيش بالإمارات، ثم خطبوها لرجل يمني يعيش في الكويت، و كانت خطبة أهل حيث تمت في اليمن أثناء أحد الأعراس. عاشا في الكويت فترة بعد زواجهما، ثم قررا الانتقال إلى اليمن للاستقرار هناك، و لكنهما سرعان ما عادا إلى الكويت بعد أحداث اليمن و الحراك الجنوبي حيث أن الجنوبيين و هم منهم لم يستفيدوا شيئا من الوحدة اليمنية بل أنها كانت بمثابة صفقة بيعت بها حكومة الجنوب على الشمال و عليه بدأ الشعب يتحرك لتنظيم نفسه
في العيد أيضا باركوا لطفلتين بالحجاب، الأمر الذي دفعني لاستكمال كتابة نصوصي في الحجاب، كما قام عبدالله الصغير بإغراء النجوم بما لديه من خبز، و قصت طيبة شريط البحر بأول طبة لها، و جربتُ الحناء لأول مرة في حياتي، مما جعلني أشتهي أن أرسم وجها جديداً بعد صيف من التوقف، في العيد أيضاً اقترنت ڤينوس بالقمر
ملاحظة: سعيدة جدا بنسيم اليوم العليل، اليوم عيد ميلاد أختي، و عيد ميلاد أجاثا كريستي