إلى حبيبين

أجيزا عليّ القول فيما أراه فإني أظن أن مائل البخت حسن النصيحة، و اقبلاها أو فاعتبراها اعتبار كلام عجوز خرفة فأعلنا السخرية و أبطنا التصديق. لقد مر بينكما الوقت و فرق، و طغى عليكما الكبرياء فلفق عليكما من الوهم ما لفق، فإلى متى؟ أنتِ تكتبين الرسائل إلى الفضاء و أنتَ تصنعها من كل النساء. فارحما جدائل الوصل الخفية؛ اتركي قاموسك المؤنث يبلى أمام صريح التماس، و اجمعهن فيها، هي وطنكَ المنشود فكيف عنها تتمنى أن تتوه؟ هو لا يرى في عيون النساء إلاكِ، و لا يسمع إلا نشيد لحنكِ الطاغي، و هي باسمكَ تبدأ، و باسمكَ تنتهي، و عن أثركَ في عيونهن تقتفي.

هي إليكَ بكل عصب نابض تحت جلدها الأبيض، و هو إليكِ بكل رقصة تؤديها يديه. داء البعد في بلادنا منا تمكن، فترى الوجد أبلغ بعد الرحيل، و ترى النور أسطع عند المغيب. اغلب جور المسافات و طِر إليها فإن هجرها، هي بالذات، ليس من الحكمة، إذهب إليها و افتق غرز الأوهام التي خاطت بها رأسها بعد أن شجه ساطور ضعفك و ضعفها. نعم، من الضعف أن تطفي شوقكَ من ينبوع خيالكَ، و من الجهل أن تعاتبيه كلاماً، فإن خمر العتاب تشربه الألسن لا الحناجر.

حبيبها، عندما تلاعب قوة المكنون التي منك إليها تنطلق، و تحيد الوصف عمن عليها ينطبق، يتوه حمامك الزاجل و يبقى غزلك لبوس الرياح تتباهى به أمام نساءك المنهكات.

حبيبته، أغواكِ وسواس التأدب عنه، فأجلسك على عرش الغيرة و الأمل، و انتشرت عروقك الثائرة في جيشك المتحفظ. أرجوك لا تنتظري من الحب دليلا أو برهان، هو هكذا، لا يفسر، هو هكذا، محض إيمان