الشمس فوق السور تشرق مثل قنديل كبير
تهدي خطانا مثلما كنا على ضوء النجوم
في الليل نسري عبر هاتيك البحار
أيام كنت أعيش في الأعماق. أبحث عن محار
لقلادة. لسوار حسناء ثرية
في الهند. في باريس. في الأرض القصية
أيام كنت بلا مدينة
و بلا يد تحنو علي و لا خدينة
إلا حبالي و الشراع
و يدي المقرحة الأصابع و الضياع
و الريح. و الأسماك في القاع الرهيب
غرثى تطاردني بعالمها الغريب
عن عالمي القاسي العنيف
يا بحر. يا قبرا بلا لحد. و يا دنيا عجيبة
أجتاز عالمها المخيف بروح بحار كئيبة
أبدا يغني للسواحل و العيال
يترقبون قدومه بعد المحال
و يعود من رحلاته كيما يعود
للبحر و الأسفار. و الدنيا كفاح
ضد المجاعة و الرياح
الجوع فوق الأرض و الريح الخؤونة في البحار
و تظل زوجته هناك بلا سوار
و بلا قلادة
في بيتها الطيني حالمة وحيدة؛
سيعود ثانية بلؤلؤة فريدة
يا جارتي سيعود بحاري المغامر
سيعود من دنيا المخاطر
و لسوف تغرقني هداياه الكثيرة
العطر و الأحجار و الماء المعطر و البخور
و لقاؤه لما يعود كأنه بدر البدور
و تظل تحلم و الحياة
حلم يجول بلا نهاية
و بلا بداية
و الشمس و الأقمار تشرق فوق كوكبنا الكبير
و أنا هنا في هوة الأعماق كالحوت الصغير
فكأن هذي الشمس ما كانت. و لا كان الصباح
إلا لغيري. و القناديل الصغيرة
أبدا تضاء بغير بيتي و الحدائق و الأقاح
في حقل غيري. و الرياح
أبدا تطاردني على ظهر السفينة
و الموت و الحوت اللعينة
و السيب و الديين في كفي و آلاف المحار
في القاع تبرق باخضرار
كعيون عفريت يطارده النهار
مثل المصابيح الصغار
و الدود و الأسماك حولي و الحجار
أواه يا تعب البحار
حطمت ظهري. و الحياة رحى تدور كما يقول
نهامنا في الليل: أيام تزول
و تدور أفلاك الحياة لغاية فوق العقول
يا أيها البحار سوف تظل في ليل البحار
نجما بلا أفق. و في تلك السواحل
الشمس تشرق في الخمائل
كعروسة شقراء. و الدنيا نهار
في عين غيري. و السوار
سيصاغ للحسناء في بمباي يا روحي الكئيبة
نهامنا يشدو لشطآن قريبة
سأرى بساحلها الحبيبة
عدنا على ضوء النجوم إليك يا دار الحبيبة
و الريح نشوى و الشراع كأنه سرب الحمام
سار على صوت النهام
و يظل ينهم و السواحل من بعيد
تبدو لنا صفراء تعكس كل ما فينا من الشوق الشديد
و تطل كثبان الرمال على الضفاف الحالمات
و نساؤنا المتحجبات
يضربن فوق دفوفهن كأنهن بيوم عيد
فرح اللقاء على الوجوه و في النذور
و الشمس فوق السور تشرق مثل قنديل كبير
تهدي خطانا مثلما كنا على ضوء النجوم
في الليل نسري عبر هاتيك التخوم*
* مذكرات بحّار ١٩٦٢ للشاعر محمد الفايز ١٩٣٨-١٩٩١
بحاري الحبيب؛
ثلاث شموس أشرقت قبل لقياك هاتيك السنون، و الآن أشفق على شوقي الطفولي العجول، عندما خالطت أحلامي الصغيرة صوت نهامكم الصبور. علمتني أرضنا الصفراء أن الشمس لعبة العارفين بعروق مدينتنا القديمة. علمتني من أين نأتيها لنزينها بخطوط الفيء الدقيقة. فوقتك عبر بحر كل يوم هو في شأن، و وقتي يمر عبر شمس كل يوم على ذات الشأن. و تجول بخاطرك من بجيدها القلادة و تذوب في عنقي حبات تندي الجيد في فيح الظهيرة. و ما أحلى النساء إن عز النساء و ما أبلغ أصوات الكون وصفا للحبيبة، تتكون كنسيج ثوب مسحور في كل خيط منه عطر امرأة و في كل ثنية زمن امرأة، و في كل فتحة روح امرأة. غب سننتظرك حتى تهل علينا، و ثق بالشمس ما دامت في يدينا
في الليل نسري عبر هاتيك البحار
أيام كنت أعيش في الأعماق. أبحث عن محار
لقلادة. لسوار حسناء ثرية
في الهند. في باريس. في الأرض القصية
أيام كنت بلا مدينة
و بلا يد تحنو علي و لا خدينة
إلا حبالي و الشراع
و يدي المقرحة الأصابع و الضياع
و الريح. و الأسماك في القاع الرهيب
غرثى تطاردني بعالمها الغريب
عن عالمي القاسي العنيف
يا بحر. يا قبرا بلا لحد. و يا دنيا عجيبة
أجتاز عالمها المخيف بروح بحار كئيبة
أبدا يغني للسواحل و العيال
يترقبون قدومه بعد المحال
و يعود من رحلاته كيما يعود
للبحر و الأسفار. و الدنيا كفاح
ضد المجاعة و الرياح
الجوع فوق الأرض و الريح الخؤونة في البحار
و تظل زوجته هناك بلا سوار
و بلا قلادة
في بيتها الطيني حالمة وحيدة؛
سيعود ثانية بلؤلؤة فريدة
يا جارتي سيعود بحاري المغامر
سيعود من دنيا المخاطر
و لسوف تغرقني هداياه الكثيرة
العطر و الأحجار و الماء المعطر و البخور
و لقاؤه لما يعود كأنه بدر البدور
و تظل تحلم و الحياة
حلم يجول بلا نهاية
و بلا بداية
و الشمس و الأقمار تشرق فوق كوكبنا الكبير
و أنا هنا في هوة الأعماق كالحوت الصغير
فكأن هذي الشمس ما كانت. و لا كان الصباح
إلا لغيري. و القناديل الصغيرة
أبدا تضاء بغير بيتي و الحدائق و الأقاح
في حقل غيري. و الرياح
أبدا تطاردني على ظهر السفينة
و الموت و الحوت اللعينة
و السيب و الديين في كفي و آلاف المحار
في القاع تبرق باخضرار
كعيون عفريت يطارده النهار
مثل المصابيح الصغار
و الدود و الأسماك حولي و الحجار
أواه يا تعب البحار
حطمت ظهري. و الحياة رحى تدور كما يقول
نهامنا في الليل: أيام تزول
و تدور أفلاك الحياة لغاية فوق العقول
يا أيها البحار سوف تظل في ليل البحار
نجما بلا أفق. و في تلك السواحل
الشمس تشرق في الخمائل
كعروسة شقراء. و الدنيا نهار
في عين غيري. و السوار
سيصاغ للحسناء في بمباي يا روحي الكئيبة
نهامنا يشدو لشطآن قريبة
سأرى بساحلها الحبيبة
عدنا على ضوء النجوم إليك يا دار الحبيبة
و الريح نشوى و الشراع كأنه سرب الحمام
سار على صوت النهام
و يظل ينهم و السواحل من بعيد
تبدو لنا صفراء تعكس كل ما فينا من الشوق الشديد
و تطل كثبان الرمال على الضفاف الحالمات
و نساؤنا المتحجبات
يضربن فوق دفوفهن كأنهن بيوم عيد
فرح اللقاء على الوجوه و في النذور
و الشمس فوق السور تشرق مثل قنديل كبير
تهدي خطانا مثلما كنا على ضوء النجوم
في الليل نسري عبر هاتيك التخوم*
* مذكرات بحّار ١٩٦٢ للشاعر محمد الفايز ١٩٣٨-١٩٩١
بحاري الحبيب؛
ثلاث شموس أشرقت قبل لقياك هاتيك السنون، و الآن أشفق على شوقي الطفولي العجول، عندما خالطت أحلامي الصغيرة صوت نهامكم الصبور. علمتني أرضنا الصفراء أن الشمس لعبة العارفين بعروق مدينتنا القديمة. علمتني من أين نأتيها لنزينها بخطوط الفيء الدقيقة. فوقتك عبر بحر كل يوم هو في شأن، و وقتي يمر عبر شمس كل يوم على ذات الشأن. و تجول بخاطرك من بجيدها القلادة و تذوب في عنقي حبات تندي الجيد في فيح الظهيرة. و ما أحلى النساء إن عز النساء و ما أبلغ أصوات الكون وصفا للحبيبة، تتكون كنسيج ثوب مسحور في كل خيط منه عطر امرأة و في كل ثنية زمن امرأة، و في كل فتحة روح امرأة. غب سننتظرك حتى تهل علينا، و ثق بالشمس ما دامت في يدينا