ثقافة النشر و المكافحة في الكويت
من الأمور التي نعيشها يوميا لدرجة تلاشي أهمية تبعاتها على عقليتنا كشعب و هي معتمدة بشكل أساسي على طبيعتنا التعميمية هما ثقافتا النشر و المكافحة
أما الأولى فتراها غالبا في الدين و المودا و انتشار الحملات الإعلامية على أدنى سبب. الجمعيات المتكلمة باسم الدين دائما ما تحث على نشر الدعوة الإسلامية، فالجزء الأهم هو أن يعرف الناس الإسلام ليهتدي الجميع و ليس بالضرورة يفهموه، و يحفظ الناس القرآن و ليس بالضرورة يتفكّروا فيه، فمثلا معايير مسابقة حفظ القرآن و تجويده هو أن لا تخطئ و ترتله صحيحا، و أن تكون مخارج الحروف كلها سليمة و هذه أشهر مسابقة تعنى بالقرآن بالكويت و لعلها الوحيدة، فهل نرى مسابقة لبحوث عن القرآن أو مقارنة الأديان غير محدودة بعلماء الدين و إنما لأي شخص عادي يريد أن يفكر؟ و كأن على الشعب أن يحفظ، و على صفوة العلماء (و لا معيار للعلم) أن يبحثوا و يتفكروا. و لماذا مثلا لا يؤسس مجموعة من الليبراليين جمعية لمناقشة الإسلام؟ و كأن الإسلام حكر على ناس مصطفون له و ليس فكرة و معتقد في فكر الناس جميعا.
التطبيق نفسه على المودا، أو شكل الناس في الأسواق و الأماكن العامة أو الخاصة، فتأثر الإنسان بشكل الناس السائد يحد من علاقته باختلاف بُنيته أو حتى الرغبة في الاختلاف، في فترة من الفترات ظننت أن المحجبات هن الأكثر رغبة في التشابه من حيث الشكل، فمنذ أن تبدأ تقليعة تراهن يتبارين في التشابه بها. و لكني أرى الغير محجبات أيضا متشابهات في أسلوب الشعر و اللبس ناهيك عن لبس الناس التقليدي مثل الدشداشة و العباة فالكويت فيها التزام شديد بالملابس التقليدية رغم أن الالتزام بالملابس التقليدية في العديد من الدول اقتصر على الأعياد الوطنية مثل اليابان و تركيا و غيرها
أما بالنسبة للحملات الإعلامية فهي تنطبق على الثقافتين على حد سواء، نشر عادات معينة على إعلانات و وصفها بأخلاق حميدة و نشر إعلانات تصد و تكافح إحدى المشكلات لعدمها (و دائما تقوم حملات المكافحة على التوعية من خلال الترهيب من الموت) فالموت أهم عوامل المكافحة منطقيا
المكافحة تعكس في الحقيقة واقع النشر و الدعوة، فنحن دؤوبون كمجتمع على مكافحة المخدرات، مكافحة الجريمة، مكافحة الفساد السياسي و الأخلاقي (رغم صعوبة التعريف و التقييم لهذه الأمور). إن المكافحة لغويا تعني الإبادة و لكن المشاكل لا تُحَل بموتها، و إنما بخلق نظير لها. ففي ملحمة جلجامش عندما طغى جلجامش و ظلم الناس قررت الآلهة أن تخلق له ندّا يساويه في القوة و لم تفكّر في إنهاء حياته. المكافحة كالنشر و الدعوة تعميم لشيء بلا تفقه في كنهه و تعظيم لشيء دون غيره و دون تفصيل لأسبابه أو التأمل في علاقاته مع غيره من الظروف و الأحداث. فنحن شعب يعشق الشعارات و مشكلة شعاراتنا صلاحيتها لألف تأويل و غرضها دائما النشر و ليس الوعي و الفهم و الإدراك
إن هذه الثقافة تؤسس بُنية تفاضل القناع على الوجه، و تفاضل البُنية على المعنى لأن كل فكرة تقتنع بها أو اقتنعت بها في يوم من الأيام يجب أن تؤثر على شكلك الخارجي، فتقاس أخلاق الناس و تمسكهم بمبادئهم على وجوههم و مظهرهم و بالتالي أي حالة شاذة تتمثل بشخص شكله لا يدل على أفكاره يقع ضحية الفكر السائد و يصبح إنسان متناقض و معقد رغم أن هذا الإنسان يعلم أن هناك مناطق في نفسه تختلف عن مناطق أخرى فجزء منه مؤمن بأمر و جزء آخر يرى شيئا مختلفا فالإنسان كالأمة فيها من الأحزاب ما اتفق و اختلف فلا يمكن أن نقنع بصبغ أنفسنا بلون واحد
كما أن الإنسان الذي يحاول التمسك و الانتماء للفكر السائد يكون أكثر توترا لأنه يعبر عن ثورة عنصر على دولة. من هذا التحليل نرى أن علاقة الشكل بالمبدأ و بالفكر و بالأحاسيس لا تقاس فقط بوصفها بالتناقض (وهي جملة يحبها الكويتيون) لا لأمر إلا لأنها منتشرة
في الكويت، المبالغة في التعلم مكروهة كما المبالغة بالتفاهة، و لكن ماذا نفعل إذا كان الفكر السائد فكر يبالغ في الوسطية؟
أما الأولى فتراها غالبا في الدين و المودا و انتشار الحملات الإعلامية على أدنى سبب. الجمعيات المتكلمة باسم الدين دائما ما تحث على نشر الدعوة الإسلامية، فالجزء الأهم هو أن يعرف الناس الإسلام ليهتدي الجميع و ليس بالضرورة يفهموه، و يحفظ الناس القرآن و ليس بالضرورة يتفكّروا فيه، فمثلا معايير مسابقة حفظ القرآن و تجويده هو أن لا تخطئ و ترتله صحيحا، و أن تكون مخارج الحروف كلها سليمة و هذه أشهر مسابقة تعنى بالقرآن بالكويت و لعلها الوحيدة، فهل نرى مسابقة لبحوث عن القرآن أو مقارنة الأديان غير محدودة بعلماء الدين و إنما لأي شخص عادي يريد أن يفكر؟ و كأن على الشعب أن يحفظ، و على صفوة العلماء (و لا معيار للعلم) أن يبحثوا و يتفكروا. و لماذا مثلا لا يؤسس مجموعة من الليبراليين جمعية لمناقشة الإسلام؟ و كأن الإسلام حكر على ناس مصطفون له و ليس فكرة و معتقد في فكر الناس جميعا.
التطبيق نفسه على المودا، أو شكل الناس في الأسواق و الأماكن العامة أو الخاصة، فتأثر الإنسان بشكل الناس السائد يحد من علاقته باختلاف بُنيته أو حتى الرغبة في الاختلاف، في فترة من الفترات ظننت أن المحجبات هن الأكثر رغبة في التشابه من حيث الشكل، فمنذ أن تبدأ تقليعة تراهن يتبارين في التشابه بها. و لكني أرى الغير محجبات أيضا متشابهات في أسلوب الشعر و اللبس ناهيك عن لبس الناس التقليدي مثل الدشداشة و العباة فالكويت فيها التزام شديد بالملابس التقليدية رغم أن الالتزام بالملابس التقليدية في العديد من الدول اقتصر على الأعياد الوطنية مثل اليابان و تركيا و غيرها
أما بالنسبة للحملات الإعلامية فهي تنطبق على الثقافتين على حد سواء، نشر عادات معينة على إعلانات و وصفها بأخلاق حميدة و نشر إعلانات تصد و تكافح إحدى المشكلات لعدمها (و دائما تقوم حملات المكافحة على التوعية من خلال الترهيب من الموت) فالموت أهم عوامل المكافحة منطقيا
المكافحة تعكس في الحقيقة واقع النشر و الدعوة، فنحن دؤوبون كمجتمع على مكافحة المخدرات، مكافحة الجريمة، مكافحة الفساد السياسي و الأخلاقي (رغم صعوبة التعريف و التقييم لهذه الأمور). إن المكافحة لغويا تعني الإبادة و لكن المشاكل لا تُحَل بموتها، و إنما بخلق نظير لها. ففي ملحمة جلجامش عندما طغى جلجامش و ظلم الناس قررت الآلهة أن تخلق له ندّا يساويه في القوة و لم تفكّر في إنهاء حياته. المكافحة كالنشر و الدعوة تعميم لشيء بلا تفقه في كنهه و تعظيم لشيء دون غيره و دون تفصيل لأسبابه أو التأمل في علاقاته مع غيره من الظروف و الأحداث. فنحن شعب يعشق الشعارات و مشكلة شعاراتنا صلاحيتها لألف تأويل و غرضها دائما النشر و ليس الوعي و الفهم و الإدراك
إن هذه الثقافة تؤسس بُنية تفاضل القناع على الوجه، و تفاضل البُنية على المعنى لأن كل فكرة تقتنع بها أو اقتنعت بها في يوم من الأيام يجب أن تؤثر على شكلك الخارجي، فتقاس أخلاق الناس و تمسكهم بمبادئهم على وجوههم و مظهرهم و بالتالي أي حالة شاذة تتمثل بشخص شكله لا يدل على أفكاره يقع ضحية الفكر السائد و يصبح إنسان متناقض و معقد رغم أن هذا الإنسان يعلم أن هناك مناطق في نفسه تختلف عن مناطق أخرى فجزء منه مؤمن بأمر و جزء آخر يرى شيئا مختلفا فالإنسان كالأمة فيها من الأحزاب ما اتفق و اختلف فلا يمكن أن نقنع بصبغ أنفسنا بلون واحد
كما أن الإنسان الذي يحاول التمسك و الانتماء للفكر السائد يكون أكثر توترا لأنه يعبر عن ثورة عنصر على دولة. من هذا التحليل نرى أن علاقة الشكل بالمبدأ و بالفكر و بالأحاسيس لا تقاس فقط بوصفها بالتناقض (وهي جملة يحبها الكويتيون) لا لأمر إلا لأنها منتشرة
في الكويت، المبالغة في التعلم مكروهة كما المبالغة بالتفاهة، و لكن ماذا نفعل إذا كان الفكر السائد فكر يبالغ في الوسطية؟