ليلة رأس السنة
باكر ليلة راس السنة، وناسة
اي
شبتسوين، سألتني بفرح مريب
عندي ميعاد مع الحبيب، قلت باستهزاء، شعندي وا عليه بروح بيت الجدة، اي صح فيه حفلة، مادري إذا بروح لها
ضحكت بهستيرية ثم قالت، ايش رايك نتسوق باكر على المغرب؟
و الله وايد محتاجة، صار لي أشهر ما رحت السوق
خوش عيل، انزين عيل دامك بتروحين الحفلة، لبسي البلوزة الحمرة المنقطة بذهبي، تلوق حق طلعة و حق حفلة مرة وحدة
أشوف إن شاء الله
اي و تعالي، تذكرين الكريم أساس اللي يبته لك، جربيه خل أشوفه عليك
أهمه أثنين قصدك أي واحد؟
البرونز
إي عرفته
يالله أشوفك باكر
فقلت لمن كانت جالسة أمامي أثناء المحادثة الهاتفية، "تريد أن توفق راسين بالحلال"، استغربت كيف جاءني الإحساس، و ربما ظنت أنني بلهاء تظن أن السماء تدور حولها. لم أجزم بذلك لأني خبيرة بهذه الطقوس، فقد كانت المرة الأولى التي أجزم بها بذلك. و لكني خبيرة بنبرات الصوت و اضطراب الضحكات كما زاد الاستشفاف توصيات الملابس و مستحضرات التجميل، و قلت لها إنها خطة فريدة من نوعها أن تسألني للتسوق، فعادة ما يكون السيناريو في قهوة أو مطعم، لنر ما سيأتي من أحداث
و في آخر يوم في السنة، و في حوار مع أخرى
ها اليوم راس السنة وين بتروحين؟
اي، و ضحكت لتكرار اللحظة، بروح السوق معها
اليوم؟، سألت و كأنها تدري أننا ذاهبون إلى السوق لكن لا تدري أي يوم
إي اليوم، أجبت باستغباء تعودته
لم ألبس البدلة الحمراء، و لبست كعبا عاليا -و له دلائله الخاصة لدي- و خرجت من المنزل، مررت بها، في البداية كانت في تردد أين نذهب، تردد لا أعلم سببه، فتوجهنا إلى قرارنا الأول. و في الطريق، رن هاتفها و كانت ردودها كالآتي
اي، اي، لا، مادري، اي اي، لا، صج؟ اي ان شاءالله
ابتسمتُ تلك الابتسامة التي تخفض قطبي فمي بدلا من أن ترفعهما. وصلنا، دخلنا كذا محل، ثم قالت أن هناك محل ممتاز لكنه بعيد بعض الشيء، فذهبنا نتمشى إليه، و لكن في منتصف الطريق قالت لندخل هذا المحل، تصفحنا الملابس المشنوقة على علاليقه. فقلت لها
خنكمل حق ذاك المحل
راح نروح له بس الحين لازم نروح حق محل البرّد اللي مرينا عليه توه
سكتّ، و ماشيتها، و لكن و أنا أرى المحل من بعيد قلت لها
أريد الذهاب إلى الحمام
فأصابها إحباط، ويه إنزين ما تبين نقعد بعدين تروحين؟
لا ما أقدر
انتظرتني و أكملنا الرحلة الثقيلة إلى محل البرّد. عندما اقتربنا، و إذا بالمحل خالٍ إلا من طاولة واحدة، تجلس إليها ثلاثة نساء إحداهن تغطي رقبتها و شعرها بحجاب قطني غطته بملفع منسدل كالراهبات و تلبس عباءة ذات أكمام و لها في الأربعينات عمرا. و الأخرى أعتقد أنها تكبرها بقليل، شعرها منسدل إلى كتفها، تلبس فستانا أحمرا فاقعا متوسط الطول. ثالثتهن كانت شابة جميلة التقاطيع ممتلئة القوام، تلبس ملفعا كحليا ذو أطراف براقة، و يقابلهن في المجلس ذلك المزيون الأسمر بدشداشة بنية داكنة و غترة بيضاء. التفتت ذات الرداء الأحمر تتفرس بي من رأسي إلى أخمص قدمي حيث الكعب العالي.
و بما أن مكان جلوسي كان في غاية الأهمية، لم أشأ إفساد خطتها التي هي غاية في الإحكام. و جلست قبالته بعد ثلاث طاولات و جلست هي على يميني
هذي أول مرة أجرب هالمكان، قلت لها، شنو تبين تطلبين؟
لا أنا ماني طالبة برّد، بس بطلب شاي أخضر، وراي عشاء
أيضا سكتّ على عدم وجود أي مبرر مناسب لذهابنا لهذا المحل فقلت، و أنا كذلك
كان واضحا أنها ترى في هذه اللحظات رومانسية خاصة و أنها في ليلة رأس السنة، و عندما أخبرتها بأنها المرة الأولى لي هنا، اشتعل بعينيها بريق حالم سعيد. حضر الشاي و بدأنا نتجاذب أطراف الحديث، و كنت بمراقبتها لتقاطيع وجهي، و بمراقبته لنا، أشعر بكل عضلة تتحرك في وجهي، فلم يكن مني للفرار من الموقف سوى أن ألتفت يمينا بين الحين و الآخر لأراقب جدارا مائيا ينسدل من الطابق الأعلى. ثم أرجع للحديث معها، الحديث بيني و بينها أوضح أنها تجهل الكثير عني و عما يدور حولي من أحداث و مستجدات، تساءلت في نفسي كيف لها أن تخطط و تقترح لحياتي شخصا و هي لا تعلم عني شيئا. نظرت إليه، لم أر هذا الشخص في حياتي من قبل و لعلمي بمعالم أحاسيسي فكنت في تمام الإدراك أنه لا يدور بقلبي إلا الشعور بأنني كنت ممثلة على مسرح الإيماء، فقلبي يدق من رهبة الجمهور ليس إلا. و تساءلت أيضا في نفسي رغم كثرة المواضيع التي تحدثنا بها، فما أسهل أن يسرح الإنسان في خياله إن كان الحوار بين أطراف الألسن، هل ممكن أن يكون ذلك الشخص هو ما يسمونه نصيبا؟
بعد أن جلسنا فترة لا بأس بها، قمنا نكمل مشوار التسوق، فهو شيء كان أهم عندي من هذه الحادثة فلن أسامح نفسي إن خرجت من المجمع خالية اليدين. و فعلا اشتريت هدية لصديقة مقربة كنت قد أجلت شراءها مدة معتبرة، و اشتريت لنفسي قميصا فيه لآلئ
نسيت أن أذكر أننا بعد قيامنا من الطاولة توجهت معها نحو حائط الماء لنتأمله اثنتانا ببلاهة معبرة لها عن كم هو جميل أن نتزحلق فوق هذا الجدار.
رغم فرحتي بما اشتريت، فقد كان يغلي في داخلي الغضب، و هو شعور عادة ما يتغلب علي عندما أشعر بالظلم، أو عندما أُعامل بأقل من قدري، أو عندما أقدم جرعة زائدة من المجاملات و التعامي و التغاضي. لم أكن يوما ضد هذا الطقس الاجتماعي، و لكن شفافية الموقف و سوء الإخراج و تجربة نفسي بقلبه أغضبني
ذهبت إلى بيت جدتي، لكني لم أذهب إلى الحفلة. ما أصعب النوم تلك الليلة، ليلة رأس السنة، كنت مشدودة الأعصاب بخاطر أصابه العفن، و أخيرا نمت، و رأيت فيما يرى النائم أمورا غريبة لم تزد ليلتي إلا هوسا و غموضا و تعبا
و في السابعة صباحا
يصير نطلع نروح مكان ألحين؟
ألحين؟ ليش شفيك؟
ما فيني شي بس خل نطلع
أكيد ما فيك شي؟
و كذبتُ، ما فيني شي، بس جذي
أنا ألحين في الطريق إلى الدوام، سأتصل بك ظهرا
خوش
و بلعتها و أكملت يومي، حيث أنني لم أتلق اتصالا بعد الظهر، و لا في اليوم التالي و لا في الشهر التالي
بعد أسبوع من رأس السنة، و أنا في الغرفة المجاورة لغرفة تجمع النساء سمعت أمي تسألها
شصار على ذيك السالفة؟
فأجابت، قال ما يبي سمرة
اي
شبتسوين، سألتني بفرح مريب
عندي ميعاد مع الحبيب، قلت باستهزاء، شعندي وا عليه بروح بيت الجدة، اي صح فيه حفلة، مادري إذا بروح لها
ضحكت بهستيرية ثم قالت، ايش رايك نتسوق باكر على المغرب؟
و الله وايد محتاجة، صار لي أشهر ما رحت السوق
خوش عيل، انزين عيل دامك بتروحين الحفلة، لبسي البلوزة الحمرة المنقطة بذهبي، تلوق حق طلعة و حق حفلة مرة وحدة
أشوف إن شاء الله
اي و تعالي، تذكرين الكريم أساس اللي يبته لك، جربيه خل أشوفه عليك
أهمه أثنين قصدك أي واحد؟
البرونز
إي عرفته
يالله أشوفك باكر
فقلت لمن كانت جالسة أمامي أثناء المحادثة الهاتفية، "تريد أن توفق راسين بالحلال"، استغربت كيف جاءني الإحساس، و ربما ظنت أنني بلهاء تظن أن السماء تدور حولها. لم أجزم بذلك لأني خبيرة بهذه الطقوس، فقد كانت المرة الأولى التي أجزم بها بذلك. و لكني خبيرة بنبرات الصوت و اضطراب الضحكات كما زاد الاستشفاف توصيات الملابس و مستحضرات التجميل، و قلت لها إنها خطة فريدة من نوعها أن تسألني للتسوق، فعادة ما يكون السيناريو في قهوة أو مطعم، لنر ما سيأتي من أحداث
و في آخر يوم في السنة، و في حوار مع أخرى
ها اليوم راس السنة وين بتروحين؟
اي، و ضحكت لتكرار اللحظة، بروح السوق معها
اليوم؟، سألت و كأنها تدري أننا ذاهبون إلى السوق لكن لا تدري أي يوم
إي اليوم، أجبت باستغباء تعودته
لم ألبس البدلة الحمراء، و لبست كعبا عاليا -و له دلائله الخاصة لدي- و خرجت من المنزل، مررت بها، في البداية كانت في تردد أين نذهب، تردد لا أعلم سببه، فتوجهنا إلى قرارنا الأول. و في الطريق، رن هاتفها و كانت ردودها كالآتي
اي، اي، لا، مادري، اي اي، لا، صج؟ اي ان شاءالله
ابتسمتُ تلك الابتسامة التي تخفض قطبي فمي بدلا من أن ترفعهما. وصلنا، دخلنا كذا محل، ثم قالت أن هناك محل ممتاز لكنه بعيد بعض الشيء، فذهبنا نتمشى إليه، و لكن في منتصف الطريق قالت لندخل هذا المحل، تصفحنا الملابس المشنوقة على علاليقه. فقلت لها
خنكمل حق ذاك المحل
راح نروح له بس الحين لازم نروح حق محل البرّد اللي مرينا عليه توه
سكتّ، و ماشيتها، و لكن و أنا أرى المحل من بعيد قلت لها
أريد الذهاب إلى الحمام
فأصابها إحباط، ويه إنزين ما تبين نقعد بعدين تروحين؟
لا ما أقدر
انتظرتني و أكملنا الرحلة الثقيلة إلى محل البرّد. عندما اقتربنا، و إذا بالمحل خالٍ إلا من طاولة واحدة، تجلس إليها ثلاثة نساء إحداهن تغطي رقبتها و شعرها بحجاب قطني غطته بملفع منسدل كالراهبات و تلبس عباءة ذات أكمام و لها في الأربعينات عمرا. و الأخرى أعتقد أنها تكبرها بقليل، شعرها منسدل إلى كتفها، تلبس فستانا أحمرا فاقعا متوسط الطول. ثالثتهن كانت شابة جميلة التقاطيع ممتلئة القوام، تلبس ملفعا كحليا ذو أطراف براقة، و يقابلهن في المجلس ذلك المزيون الأسمر بدشداشة بنية داكنة و غترة بيضاء. التفتت ذات الرداء الأحمر تتفرس بي من رأسي إلى أخمص قدمي حيث الكعب العالي.
و بما أن مكان جلوسي كان في غاية الأهمية، لم أشأ إفساد خطتها التي هي غاية في الإحكام. و جلست قبالته بعد ثلاث طاولات و جلست هي على يميني
هذي أول مرة أجرب هالمكان، قلت لها، شنو تبين تطلبين؟
لا أنا ماني طالبة برّد، بس بطلب شاي أخضر، وراي عشاء
أيضا سكتّ على عدم وجود أي مبرر مناسب لذهابنا لهذا المحل فقلت، و أنا كذلك
كان واضحا أنها ترى في هذه اللحظات رومانسية خاصة و أنها في ليلة رأس السنة، و عندما أخبرتها بأنها المرة الأولى لي هنا، اشتعل بعينيها بريق حالم سعيد. حضر الشاي و بدأنا نتجاذب أطراف الحديث، و كنت بمراقبتها لتقاطيع وجهي، و بمراقبته لنا، أشعر بكل عضلة تتحرك في وجهي، فلم يكن مني للفرار من الموقف سوى أن ألتفت يمينا بين الحين و الآخر لأراقب جدارا مائيا ينسدل من الطابق الأعلى. ثم أرجع للحديث معها، الحديث بيني و بينها أوضح أنها تجهل الكثير عني و عما يدور حولي من أحداث و مستجدات، تساءلت في نفسي كيف لها أن تخطط و تقترح لحياتي شخصا و هي لا تعلم عني شيئا. نظرت إليه، لم أر هذا الشخص في حياتي من قبل و لعلمي بمعالم أحاسيسي فكنت في تمام الإدراك أنه لا يدور بقلبي إلا الشعور بأنني كنت ممثلة على مسرح الإيماء، فقلبي يدق من رهبة الجمهور ليس إلا. و تساءلت أيضا في نفسي رغم كثرة المواضيع التي تحدثنا بها، فما أسهل أن يسرح الإنسان في خياله إن كان الحوار بين أطراف الألسن، هل ممكن أن يكون ذلك الشخص هو ما يسمونه نصيبا؟
بعد أن جلسنا فترة لا بأس بها، قمنا نكمل مشوار التسوق، فهو شيء كان أهم عندي من هذه الحادثة فلن أسامح نفسي إن خرجت من المجمع خالية اليدين. و فعلا اشتريت هدية لصديقة مقربة كنت قد أجلت شراءها مدة معتبرة، و اشتريت لنفسي قميصا فيه لآلئ
نسيت أن أذكر أننا بعد قيامنا من الطاولة توجهت معها نحو حائط الماء لنتأمله اثنتانا ببلاهة معبرة لها عن كم هو جميل أن نتزحلق فوق هذا الجدار.
رغم فرحتي بما اشتريت، فقد كان يغلي في داخلي الغضب، و هو شعور عادة ما يتغلب علي عندما أشعر بالظلم، أو عندما أُعامل بأقل من قدري، أو عندما أقدم جرعة زائدة من المجاملات و التعامي و التغاضي. لم أكن يوما ضد هذا الطقس الاجتماعي، و لكن شفافية الموقف و سوء الإخراج و تجربة نفسي بقلبه أغضبني
ذهبت إلى بيت جدتي، لكني لم أذهب إلى الحفلة. ما أصعب النوم تلك الليلة، ليلة رأس السنة، كنت مشدودة الأعصاب بخاطر أصابه العفن، و أخيرا نمت، و رأيت فيما يرى النائم أمورا غريبة لم تزد ليلتي إلا هوسا و غموضا و تعبا
و في السابعة صباحا
يصير نطلع نروح مكان ألحين؟
ألحين؟ ليش شفيك؟
ما فيني شي بس خل نطلع
أكيد ما فيك شي؟
و كذبتُ، ما فيني شي، بس جذي
أنا ألحين في الطريق إلى الدوام، سأتصل بك ظهرا
خوش
و بلعتها و أكملت يومي، حيث أنني لم أتلق اتصالا بعد الظهر، و لا في اليوم التالي و لا في الشهر التالي
بعد أسبوع من رأس السنة، و أنا في الغرفة المجاورة لغرفة تجمع النساء سمعت أمي تسألها
شصار على ذيك السالفة؟
فأجابت، قال ما يبي سمرة